من التهريب إلى الدمار: الحرس يُغرق بندرعباس
في الوقت الذي تتواصل فيه الأسئلة والاتهامات حول أبعاد الكارثة التي وقعت في ميناء رجائي بمدينة بندرعباس، نشرت وكالة “أسوشيتد برس” في 1 مايو 2025 تقريرًا لافتًا يؤكد أن مركز الانفجار كان في منشأة تتبع في النهاية لما يُعرف بـ”بنياد المستضعفين”، وهي مؤسسة اقتصادية ضخمة خاضعة مباشرة لمكتب علي خامنئي.
وأوضح التقرير أن الميناء تلقى شحنة كيميائية تدخل في تصنيع الوقود الصلب للصواريخ الباليستية، وهي مادة شديدة الخطورة، كانت ضمن مخزون غير معلن عنه. هذا التطور يكشف الطبيعة العسكرية السرية للنشاطات التي تُدار في هذا المرفق الحيوي.
وفي سياق متصل، نقلت قناة “بهار” على تطبيق تليغرام في 28 أبريل 2025، عن أحد موظفي الميناء من أصحاب الخبرة، قوله أمام عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، سارا فلاحی، إن المواد المشعة والمتفجرات تُنقل بانتظام إلى خارج البلاد تحت غطاء “صادرات مواد غذائية”، ودون أي رقابة أو علم مسبق من إدارة الميناء.
الاعترافات لم تقف عند الشهود. ففي 26 أبريل، صرّح سعيد جعفري، مدير شركة “شركة سينا لتطوير الخدمات البحرية والمينائية،وهي شركة تابعة لبنياد المستضعفين، لوكالة “إيلنا”، أن الشحنة المنفجرة “تم الإعلان عنها كبضاعة عادية” رغم أنها كانت شديدة الخطورة. وأكد أن “هذا الإخفاء تسبب في الكارثة”.
كل هذه المعلومات تكشف كيف تحول ميناء رجائي إلى منصة خلفية لعمليات الحرس ومشاريع التهريب العسكري عبر الخليج. إذ تُمنح العقود لمؤسسات تابعة لبيت خامنئي أو الحرس، دون مؤهلات فنية، وبدون أن تُطبق أدنى معايير السلامة.
الخبراء يشيرون إلى أن البنية التحتية للميناء لم تخضع لأي تحديث تقني منذ سنوات، وأن أنظمة الإطفاء والحماية غير صالحة، في وقت يتم فيه تخزين أخطر المواد في قلب منطقة مدنية.
النتائج كانت كارثية: أكثر من 70% من مرافق الميناء، بما في ذلك الأرصفة والمخازن والرافعات، تدمرت. سلاسل الإمداد الحيوية للوقود والغذاء وقطع الغيار تعطلت. ارتفعت أسعار بعض السلع المستوردة بنسبة 30% في غضون يومين فقط، وتوقفت أعمال أكثر من 500 شركة تجارية. ويواجه ما لا يقل عن 20 ألف عامل خطر البطالة.
وتحذر مصادر اقتصادية مطلعة من أن الكارثة لا تمثل فقط تهديدًا اقتصاديًا فوريًا، بل إنها تُظهر كيف أن النظام يستخدم البنية الاقتصادية للبلاد لخدمة أجنداته التوسعية، وأن استمرار سيطرة الحرس وبنياد المستضعفين على المرافق الحيوية يُهدد السلامة الوطنية.
وفي هذا السياق، أدانت السيدة مريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، بشدة تعامل النظام مع كارثة ميناء رجائي، مؤكدة أن “هذا الانفجار هو نتيجة مباشرة لسياسات النظام الفاسدة التي تهدر ثروات الشعب الإيراني في مشاريع عسكرية ونووية بدلاً من حماية حياة المواطنين”. ودعت إلى “محاسبة المسؤولين عن هذه الكارثة وإنهاء سيطرة الحرس وبنياد المستضعفين على اقتصاد البلاد”، مؤكدة أن “الشعب الإيراني لن يصمت أمام هذه الجرائم وسيواصل نضاله من أجل الحرية والعدالة”.
ويخلص المراقبون إلى أن انفجار بندرعباس لم يكن حادثًا عرضيًا، بل نتيجة مباشرة لعقود من الفساد والتعتيم وسوء الإدارة المرتبط بهيكل النظام القائم، مؤكدين أن هذه الفجائع ستتكرر طالما ظل خامنئي ومؤسساته الموازية يمسكون بزمام السلطة.