احتجاجات شاملة في إيران: من طهران إلى الأهواز، من يزد إلى خُمين، صرخة موحّدة ضدّ الظلم والفقر
في يوم الأحد 4 مايو 2025، خرج الإيرانيون في عدّة مدن إلى الشوارع في سلسلة من الاحتجاجات المتزامنة التي شملت المتقاعدين، سائقي الشاحنات، الخبّازين، وحتى العملاء المتضرّرين من شركات السيارات. صرخة واحدة جمعَتهم: رفض الفقر، القمع، التمييز، والفساد. من الجنوب إلى الشمال، من العمال إلى المتقاعدين، تتصاعد موجة الغضب الشعبي في ظلّ انسداد الأفق السياسي والاقتصادي، وسط تجاهلٍ متعمّد من النظام الإيراني لمطالب الطبقات المسحوقة.
شوش – صرخة المتقاعدين ضدّ الظلم والتهميش
في مدينة شوش، تظاهر متقاعدو الضمان الاجتماعي أمام مبنى المؤسسة، احتجاجاً على تدهور الأوضاع المعيشية وسوء الخدمات الطبية. وردّدوا شعارات مثل: «من خوزستان إلى جيلان، الموت لهؤلاء المديرين» و«التضخّم يحكم السوق»، في رسالة تعبّر عن حالة السخط من تدهور قيمة الرواتب وغياب أبسط حقوقهم بعد سنوات من العمل الشاق.
طهران – المتقاعدون يواجهون الإهمال الحكومي
أمام المقرّ المركزي للضمان الاجتماعي في طهران، تظاهر المتقاعدون مطالبين بتحسين أوضاعهم، مردّدين شعارات لاذعة من قبيل: «من المناجم إلى الموانئ، مقابر للعمال». أجواء الاحتجاج كشفت مدى الغضب من السياسات الاقتصادية للنظام، التي تحوّل التقاعد من استراحة مستحقّة إلى معاناة يومية.
الأهواز – صرخة الكرامة في وجه الفقر
في الأهواز، كان صوت المتقاعدين أكثر علواً من أي وقت مضى. هتفوا ضدّ التمييز، والفساد، وسوء إدارة البلاد، بشعارات مثل: «رسالة إلى الحكومة: عار عليكم!» و«حين يأتي دورنا، تصبح الخزينة فارغة!» و” يجب اطلاق السراح العامل المسجون” مؤكدين أن كرامتهم تُداس، وحقوقهم تُهدر، في ظلّ صمت مطبق من المسؤولين.
يزد – رَدّ شاحنات احتجاجي ضدّ كارثة بندر رجائي
في محافظة يزد، نظّم أكثر من 100 سائق شاحنة رَدّ شاحنات احتجاجي، تضامناً مع عائلات ضحايا كارثة ميناء رجائي. هذه الخطوة، التي جاءت في ظلّ إعلان الهلال الأحمر نهاية عمليات البحث رغم وجود مفقودين، كانت رسالة احتجاج على التستّر، واللامبالاة، واختزال الكارثة في بيانات إدارية.
خُمين – شاحنات الغضب تكسر الصمت
سائقو الشاحنات في خُمين نظّموا أيضاً رَدّ شاحنات تضامني، مشددين على أن كارثة بندر عباس لا تزال جرحاً مفتوحاً في ذاكرة الناس. هتفوا: «لن ننسى، لن نسامح»، وأكدوا أن الشارع هو من يُطالب بالعدالة حين تصمت المؤسسات الرسمية.
شهر ري – الوقفة الصامتة التي هزّت الضمير العام
في مستودع نفط “شهر ري”، خرج سائقو الشاحنات في موكب صامت ولكن مدوٍ، محتجّين على إعلان نهاية عمليات البحث في بندر رجائي. رُفعت شعارات مثل: «نُطلق الأبواق بدل الصمت» و«أرواح الناس احترقت، لكن المسؤولين كتبوا محاضر جلسات»، في إدانة مباشرة للسطحية واللا مسؤولية الرسمية.
طهران – عملاء “مديران خودرو” يطالبون بحقوقهم
تجمّع عدد كبير من عملاء شركة “مديران خودرو” أمام مبنى الشركة في طهران، احتجاجاً على تأخّر تسليم سياراتهم رغم مرور أشهر على الدفع واستلام المستندات. المواطنون عبّروا عن غضبهم من احتجاز سياراتهم في جمارك “بم”، واتّهموا الشركة ووزارة الصناعة بالتقصير والتواطؤ في إهدار حقوقهم.
مدن مختلفة – أصحاب المخابز يواجهون الإفلاس
في طهران ومدن أخرى، نظّم أصحاب المخابز وقفات احتجاجية ضدّ ارتفاع تكاليف الإنتاج، من الإيجارات والتأمينات إلى أجور العمّال، دون تعديل أسعار الخبز. المحتجّون حذّروا من انهيار هذا القطاع الحيوي وترك آلاف الأسر من دون مصدر رزق، في ظلّ صمت حكومي مطبق.
كل هذه الاحتجاجات تعبّر عن حقيقة واحدة: الشعب الإيراني بأكمله أصبح معارضاً لهذا النظام، ولا يثق به ولا ينتظر منه إصلاحاً. المواطنون يدركون أنّ التحسّن لن يأتي إلا برحيل هذا النظام بالكامل.
في ظلّ انسداد كل الآفاق، وانعدام الحلول، لم تعد الاحتجاجات استثناءً، بل باتت تمهيداً لانتفاضة كبرى قادمة لا محالة، يكتبها الغضب الشعبي وتُحرّكها إرادة التغيير.